سوالف في سوالف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أفضل منتدى عربي على الاطلاق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مــي ( الــجــزء الاول )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




مــي ( الــجــزء الاول ) Empty
مُساهمةموضوع: مــي ( الــجــزء الاول )   مــي ( الــجــزء الاول ) Emptyالثلاثاء نوفمبر 20, 2007 7:12 pm

عند سور بيت جارنا، كانت تقف كل أمنياتي..
عندما كنت طفلة ..كنت أحب ان أقضي جل وقتي معه.. ابن جارنا!
ذلك الطفل المدلل الذي أضاف على ميزة الذكورة كونه وحيد والديه..

بكيت بحرقة عندما علمت أن أختي اختارت أن تذبل في عش آخر ..غير بيتنا.. في ذلك اليوم وقف عند باب غرفتي عابساً لفوات وقت اللعب في بكاء سخيف!
ولكنه أهداني بعد ذلك دباً أبيضاً بربطة حمراء في عنقه تعبيراً عن مشاركته لي أوجاعي..شعرت بالامتنان..أظنني شعرت بالزهو أيضاً ، فأنا لم أكن حظيت قط بدب جميل كالذي يزين غرف صديقاتي.. ربما لهذا السبب ما زلت أشتري كل دب أراه يزين محلات الألعاب تحت إلحاح قسري!
ربما لأن غرفتي امتلأت بالدببة الملونة اضطررت للخضوع لفكرة الصناديق الخشبية.. ربما لأنني لم أعد آمن على قدمي من المشي حافية في غرفتي أحببت جداً فكرة الشموع .. لتبقى غرفتي دائماً مضيئة.. لتضيء شموعي الصغيرة طريقي..!

* *




يختلط الماضي بالحاضر في عقلي بشكل فوضوي ..منذ خُلقت، والزمن لدي مشكلة!
أمي لا تذكر جيداً..أهي ولدتني في الصباح ..أم قبل غروب الشمس بقليل..
لا أعلم كيف يمكنها أن تمزج بين تباينين كهذين.. لا أعلم كيف يختلط في ذهني الماضي، بالحاضر! في عامي الدراسي الأول سألتني المعلمة بصوت غاضب: لماذا لم تكتبي واجبك؟
أجبتها مرتعشة: أمي كانت بالمستشفى.
سألتني بفضول غاب سببه عن عقلي الصغير آنذاك: متى كانت هناك؟
فأجبتها مرتبكة : غداً..علمت أنني وقعت في الفخ.. سمعتها كما يشبه الحلم تقول : وتكذبين أيضاً!! سأعاقبك مرتيــــن ..
لن أعيد إذلالي على الورق، يكفي أنني مررت به يوماً
يكفي ان الزمن خذلني يوماً!!

* *
كان عبد الرحمن يستمتع بفشلي المتكرر في أي منافسة تقوم بيننا .. عندما نجري، يسبقني دون مجهود.. عندما نشتبك في مصارعة ((محتبسة داخل قائمة من الممنوعات والمحظورات كلها من اقتراحي)) يطرحني أرضاً ويعد حتى الرقم عشرة بدلاً من الإكتفاء بالثلاثة تلميعاً لانتصاره الساحق!!
حتى في أسمائنا..لديه تسعة أحرف مقابل حرفين ضاقا حتى على جسمي الصغير آنذاك!!
كان يقول لي: ما أن ينطق الفرد باسمك، حتى ينتهي منه!!
أسمعتي باسم اشتقاق تحببه (تدليله) أطول منه؟؟
(ميــو) لماذا لا تطلبين من والدك تغيير اسمك؟؟
ما رأيك بغادة؟ نجوى؟ نوف ؟ حتى وإن لم تزيدي سوى حرف!!

* *

غاب عني أسبوع كامل.. كانت هذه المرة الأولى التي يفعلها دون أن يكون السبب قضاء الصيف في بلداً بارداً..
في آخر الأسبوع .. لم أستطع احتمال الإنتظار أكثر ..
ذهبت لمنزله عندما سارت الشمس نحو بحرها البعيد...
أخبرتني الخادمة أن عبد الرحمن يلعب في الطرف الآخر من الفناء..
إذن مفتون بلعبة جديدة!! سأحطمها...!
كان ذلك قراري وأنا أزداد شعور بالجرح.. ذهبت حيث قالت لأجده مع فتاة بنفس طوله وشعر يصل حتى كتفيها.. كان احمرار الشفق يملأ عيني.. كانت الغيرة تنهش قلبي.. كان ذلك المنظر طعنة لي في أنوثتي المبتدئة!!
شعرت بكرامتي تهوي فركضت بسرعة نحو الباب ولم أتأكد من أنه رآني إلا حينما سمعته يناديني لأسلم على ابنة عمه هند..اسمها هنــد ..ثلاثة أحرف!!

* *
لا احد يمكن أن يعرف كيف يسهر الصغير ألماً!!
لا أحد يشك في أننا نولد من نومنا كل يوم بطلق الحزن.. وإلا مالذي يوقظنا ياترى؟
أذكر أنني استيقظت ذلك الصباح على صوت نحيبي.. وجدتني مبللة بدموعي .. وجدت الأرض تلك الساعة مبللة بالندى .. لا أذكر الحلم الذي أيقظني ناحبة ذلك الصباح ولكنه حتماً كان هناك.. في الفناء الخلفي لمنزل جارنا!
جاء لزيارتي مصطحباً ابنة عمه..
ارتديت فستاني الجديد رغم أنني كنت اخشى تأنيب أمي لي أمامهما على ارتدائه وهي التي قد خصصته لمناسبة تهمها..إلا أنني غامرت وارتديته ، أردت ان أقابلهما بفستان جديد!
قال لي: لماذا بالأمس لم تنتظري؟ لماذا أتيتِ إن كنتِ قد أردتي العودة بهذه السرعة؟
ابتسمت بتكلف وقلت: لماذا لا نلعب؟
كنت قد نجحت تماماً في تهميشه طيلة الوقت حتى أنني قلت لها عندما أوشكا على الرحيل زورينا غداً، وثم وباستدراك مفتعل أردفت: زورانا.. أظن أن هند صدقت أنني أحببت صحبتها!! لا أعلم كيف تخلص منها ، لم أرها بعد ذلك مطلقاً!!

* *

كانت السماء سوداء ثقيلة .. في ذلك اليوم القديم.. كانت متعبة!
رغم أنني أحب المطر، إلا أنني شعرت بثقل المساء قبل أن يُقبل..
شعرت بثقل المطر!!
..تعرضت عائلة عبد الرحمن لحادث اصطدام.. في الواقع لم يحدث ما يرَوع.. كسور بسيطة في يد وكتف والده، رضوض متفرقة في جسد والدته..قدم ثقيلة يجرها عبد الرحمن!
أجرى عملية جراحية واحدة.. لم أفهم هدفها حتى الآن..أظنها لم تنجح!

بقي مدة في الفراش ..اتصلت والدته بأمي تطلب منها أن تسمح لي بالبقاء لديهم لمدة..أذكر أنني أردت أن أرفض ..ولكن ...كعادتي.. لم أقاوم رغبتي!
ذهبت ..وبقيت هناك حتى استطاع عبد الرحمن أن يحصل على ((ملهيَات)) أخرى ..ثم صرفوني!

أظنني الآن أعرف لماذا أردت ان أرفض..
كان يحبني.. تعجبه صحبتي.. يروق له حديثي.. ولكنني كنت أشعر دوماً أنه ينظر إلي كشئ فتري الاستعمال.. رغم أنه لم يكن فوق جسمي أية ملصقات!!

عرجه البسيط خلَف تعقيداً في شخصيته..أصبح حساساً للغاية
حينما أقول : أظن أن تأخري سيقلق أمي يرد بتعالي واضح: اذهبي الآن إذن!
آلمتني حساسيته كثيراً.. ولكنني كنت على الدوام أجد له قائمة من الأعذار تنسيني كل ما يوجعني..

* *

مالذي يربط النضج بالسر؟؟ بلوغي، رغم أنني لم اكن قد أكملت الثالثة عشر بعد، أحال صداقتنا الصريحة لعلاقة مختبئة خلف هاتف ما.. رسالة ما..!

أعلن جسدي في غفلة مني قراره النهائي.. طرح حياتي السابقة عني!
قبل بلوغي .. لم يزعج أمي مطلقاً كثرة حركتي ولهوي.. وما أن كبرت حتى رأت أنني بحاجة للترميم..لإعادة الصياغة!

ووفقاً للقانون الجديد..حاولت بشدة نسيان عبد الرحمن، حاولت شطب اسمه من ذاكرتي ولكنه كان عنيداً كصاحبه!

رن جرس الهاتف أثناء انهماكي في محاولة لفهم مسألة رياضية معقدة رغم ألفة أبطالها ع، س، ص .. أظنه بدا على صوتي الضجر.. كان صوته جميلاً.. هادئاً رغم حشرة عنيدة تأبى إلا أن تظهر..
قال لي : مي؟؟ يا محاسن الصدف.. ابتسمت ببلاهة، ولأنه لم يتلقى أية استجابه أعاد: مي .. أنا عبد الرحمن!
قلت بسرعة: عرفتك! لا تلمني ( الرياضيات) ستعقدني!
أجاب بعد ضحكة قصيرة: عندي حل.
-حل؟
- أليست الرياضيات تعقدك؟؟
- أوه، بلى!
- إذن.. عندي حل.
- وما هو؟
- ضعي كتابك في الحقيبة، وتعالي.

رغم أنني كنت أتساءل دوماً عن جدوى هذه المادة ..لماذا نوجع رؤوسنا بالأرقام التي لا تحمل سوى القبح ، إلا أنني في تلك اللحظة بالذات شعرت بأهميتها !!
رددت : ألا يزعجك ذلك؟؟
- - على الإطلاق، سيسرني أن أراك.
ًأطربني كثيراً قوله ، ولكنني لم أذهب .. كنت أكثر جبناً من سلوك بهذه الجرأة!

* *


يــتــبــع::
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




مــي ( الــجــزء الاول ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: مــي ( الــجــزء الاول )   مــي ( الــجــزء الاول ) Emptyالثلاثاء نوفمبر 20, 2007 7:14 pm

مــي ( الــجــزء الــثــانــي والاخــيــر )::

رغم أنني لا أجد شبهاً بينهما ولو ضئيلاً ، إلا أنهما ..وحدهما.. استطاعا إغوائي.. وحدهما.. سحراني!
أحدهما..يدلق روحه الشفافة علي بكرم مهلك..حينما يغمسني في عقله الحر يحيلني لقلب عظيم وجل من فرط إدراكه لعالمه!

والآخر..
يستمتع بحشري في أسر الواقع ..ثم يريني نافذة تلو أخرى ..ليس علي سوى فتحها لأنفذ لعالم الحلم!!

لم تربكني علاقتي بهما في وقت واحد مطلقاً.. فكلاهما في إطاره .. أحدهما حبسه الزمن والمكان .. والآخر منعه الواقع من اختراق عقلي والعبث بأفكاري العميقة..

أحدهما (كزنتزاكيس) والآخر (عبد الرحمن)..

في الواقع .. أنا لا أخشى بطلي اليوناني القديم....!

* *

رن جرس الهاتف طويلاً .. كنت أشعر به خلف السماعة ينتظرني .. ولكنني لم أجرؤ على الاقتراب.. بعد أكثر من اتصال ، أدرك الأمر ولم يعاود الاتصال بي إلا في المساء..
كانت تلك الليلة .. هي المرة الأولى التي سمعت فيها أغنية ( حلفتكم بالله) ..رفعت السماعة لأسمع أنغام تترنم ..( حلفتكم بالله ..روحوا أنتم وخلوني معاه ..ما أطول .. أقضي بس عمري معاه ..)
يا إلهي كم أسكرتني تلك الأغنية!!
كنت أرتجف كعصفور مبلل بالمطر وأنا أسمعها ..
قلت : عبد الرحمن؟ فرد هامساً : اششش .. استمعي فقط!..... واستمعت..

* *
غرقنا كثيراً في مكالمات ليلية طويلة بعد ذلك.. مالذي تحدثنا فيه!! لم نترك شيئاً .. أفرغنا ذاكرتينا في أذنينا .. أعدنا ولمرات عدة ذكريات مشتركة بيننا .. قرأنا شعراً
قال لي مرة : ليس حبي لك ياسيدتي..
زينة أو ترفاً...
أو ورقاً ألعبه عند الضجر..
ليس حبي لك يا سيدتي...
معطفاً ألبسه في محطات السفر..
أنا مضطر إلى حبك حتى ..
أعرف الفارق ما بيني وما بين الحجر!
فقلت هازئة: أأنا أهدر وقتي مع شخص لا يفرقه عن الحجر سوى حبي؟
صمت قليلاً ثم رد بصوت منكسر : لم يقل أحد ذلك لنزار!!
ضحكت ثم قلت: ربما لم يقل نزار ذلك لأحد ممن أحب.. وهي طريقة فعالة لتعترف بأنه ليس شعرك..
فقال لي ساخراً : فقط اقرأي يا عزيزتي .. وستكتشفين كذبي الأبيض!

أذكر أنني ذهبت في أكثر من صباح إلى المكتبة أبحث عن ورق بلون الخشب وقلم حبر أسود ثقيل لأكتب له رسالة!

كتبت له : كأية امرأة .. سهلة الإعطاب..
ككأس ماء .. ممتلئة بالشفاف ..

قديمة .. معلقة بين الذاكرة والنسيان .. أعيد خلق تداعياتي لأكرر حماقاتي .. لأكرر أيضاً موتي ..وغباء أحلامي !

أحشو فراغاتي (بالبن) لأهذي .. لأهرب فقط ( كأية أنثى) من الهامش!

هذه أنا في زحام الحياة .. بألف وجه كنت أجهله قبلاً
مصابة بالشقيقة .. وألف ألف حقيقة !

أرجوك .. لا تؤلمني..
...........
هاتفني تلك الليلة ولم يذكر شيئاً عن الرسالة .. وكأنها لم تعني له شيئاً ،وبعدما أحبطت كثيراً ونسيت أمرها قال لي ذات فجأة : منذ متى مصابة بالشقيقة؟؟ منذ متى أصبحت تعتقدين أنك سهلة الإعطاب يا مي؟؟

لم يفهمني ..!

* *
بعد تلك الليلة ، ورغم استمتاعي بالحب الذي كان بيننا إلا أنني طلبت من عبد الرحمن أن يكف عن حديث الحب معي.. طلبت منه في الوقت عينه أن يهاتفني باستمرار ، وألا ينسى مراسلتي.. فمتعتي كلها تجتمع في يديَ عند فض رسالة !
لا أظنني بحاجة لمحلل نفسي ليثرثر معي بهذا الخصوص ..فأنا أفهم رموزي جيداً، بل انني أقضي ليالي كاملة في اختيارها وصنعها!
رغم أنه انزعج كثيراً إلا أنه أطاع .. لم أكن أفكر في فقد عبد الرحمن وهذا ما جعلني أتجاوز أحياناً عن هفواته الممتعة.. ورغم كل التجاوزات.. مكالماتنا لم تعد يومية..!!

* *

قال لي مرة بصوت بارد خالٍ من أي انفعال أنه سيسافر لإكمال دراسته في مسار دقيق في علم الأرض .. كان عبد الرحمن يعرف الأرض جيداً .. يعرف لما تبدو أحياناً متكدرة تلتف السواد.. يعرف مالذي يبهجها حد الحمرة!! يعرف من أين رحلت تلك الصخرة ، وأين ستأول؟؟
صدمني برودة .. صدمتني قدرته على نفض يده من كل شئ .. صدمتني رغبته في تركنا .. أنا .. وأرضه ..!

بالتوفيق إذن.. هذا ما همست به شفتاي وعيناي تفيض ألماً.. سترحل لتترك امرأة مصابة بحمى ورثتها عن جداتها .. حمى ملَـتها حقاً..
لن أضعف ولن أنكسر .. سأعيش حياتي يوماً بيوم ..ولن أنتظر اتصالاً منك بعد اليوم..

* *

(( إن ما يبقى من مدينة هو النظرة المنفصلة التي كان قد ألقاها عليها شاعر نصف سكران)) .. عمر الخيام..

هل ستعفو عن شغفي بمدينتي يا خيام؟؟ رغم أنني لست بشاعرة ولم أذق يوماً كأساً معتقة تسكرني إلا أنني سأتجرأ وأكتب مدينة تشبهني في كل شئ.. تشبه تفاصيلي الثابتة.. شاحبة كصحرائها .. متشبثة بعظمة عراقتها فوق كل شقوقها السافرة .. !
فارغة .. رغم أنها تضم فوق أرضها ثلاثة ملايين ندبة!
مكتظة بالأسواق.. والشوارع .. والمركبات .. تدفنهم في صمتها بمهارة موروثة .. ولولا هذه الهالات حول عينيَ .. ولولا كل الطبطبات فوق أرضها .. لما أدركت عمق ألمي .. وبالغ احتمالها!..

أعلم أنني انعطفت يميناً .. لا.. بل يساراً ، فاليمين دائما خير وأنا أعجز عن تعليق حكم على تخبطاتي ..

في مدينتي.. الكتابة (شبهة).. لم تُحارب القراءة كما السابق شرط أن تبقى مقننة ومؤطرة بمعايير لن تدركها ، وهذا شرط آخر .. حيث تبقى قادرة على الاتساع والدوران والتلون كيف تشاء لتحول دون وقوع محظورات..

أعلم أنني انعطفت يساراً.. حيث العيب والخطأ والعار...
انحرفت يساراً.. حيث المرأة.. تلك المجمدة المحفوظة في أواني من بلَور..

في مدينة تغطي قصورها الشاهقة بيوتاً طينية متشققة، يحق للمرء أن يمارس في أزقتها اللامنتمية تناقضاً سافراً..

أظنني أهذي..

أعلم أيضاً أنني أحشو فراغاتي بالقهوة.. لأهذي..

هذا ما بتَ أمارسة، منذ سهرت وحدي!!

* *

انتظرته أن يعود.. انتظرت رسالة وإن لم تحمل سوى كلمة تشعرني بأنه ما زال يهتم لأمري..
شعرت كثيراً بالتفاهة والسطحية .. لم يكن لدي ما يشغلني.. لذا.. فقد انتظرت!

ولأن فترة الانتظار لأمر غير معلوم الوقوع منهكة، تسليت بالتفاصيل حد الانشغال.. تفاصيل علاقاتي.. مشاكلي.. أحلامي.. وقد استطعت أن أنشغل شهرين كاملين بتفاصيل الأثاث الجديد لغرفتي!

احتفظت بأوراق ملاحظاتي عن كل كاتب أقرؤه .. أدهشني ما لمست من تناقض فيما يكتبون .. هل التناقض سنة انسانية؟؟أم أن فقر الحقيقة واسع التفشي رغم كل أمطار القضايا المؤلمة التي تضرب أرضنا ..!!
رجوت بلا جدوى ان تقع عينيَ على أرض ((كخراب إليوت)) .. ولكنني وبعد مدة من التفكير العميق أدركت أنني وحـــدي من انتظر!!

لذا ، فقد وافقت على أن أزف لخطيب طيب أرادني بيضاء ، طويلة ، فارغة .. قبل زفافي بأيام قليلة سأتناول زهرتي لوتس لأزف إليه بذاكرة بيضاء فسيحة ..وسأنسى عبد الرحمن ، وسترهقني واجباتي لأغفو حال سقوطي على السرير.. ولن أحلم بعد ذلك مطلقاً....

* *

تملكتني رغبة ذات صباح قريب بأن أبقى بالقرب من الهاتف .. واتصل !
بعد أن تبادلنا عبارات الترحيب صمتنا قليلاً .. رحت أتخبط في دهشتي وألمي ولا أعرف ماذا علي ان أقول؟؟ هل نحن ما زلنا نحن؟؟ أين إذن تلك الساعات الطوال منا؟؟
أيستطيع الزمن أن يعبث بنا إلى هذا الحد؟؟ إلى الحد الذي يجعلني لا أعرف ماذا أقول؟؟
أم ان الغياب الطويل يجمع حكايا كثيرة تُفضل الصمت حينما يحين سردها بدلاً من الاندلاع؟؟
يااه كم رجوت اتصالاً منك وهاأنذا أقضيه صامته !!
يااه كم حلمت بإخبارك بشوقي إليك!!
كم تمنيت أن تقول لي .. ابقي معي ، لن أعدك بشئ.. ولكنني أريدك أن تبقي

لم يحدث من هذا شئ .. علمت فقط أنك بخير وأنك تحقق أهدافك كما كنت تخطط تماماً وأنك تتمنى لي حياة طيبة مع من اخترت..

لم يحدث شئ .. سوى أنني رغبت بشدة في إنهاء المكالمة .. وانطفأت لدي كل رغبة في بعث أي ماضي!

* *

سأتزوج قريباً..
وسيتعبني عبثي الكتابي إذا أعدت القراءة .. ولكنني (حتماً) لن أعيد الصياغة..
أظنني حتى الآن أكتب حديثاً ممزقاً.. أتأرجح فوق الزمن بعبث يوازي دهشاته!

قفزاتي ليست سوى تغير.. ليست للأفضل أو للأسوأ.. هي تغير فحسب!

قد أتغير حد التحول.. كما فعل الإله أطلس حينما نفض عن نفسه بطولاته ومسئولياته ليقرر أن ينام ممتداً من تونس حتى مراكش.. ويبقى مجرد جبل.. وأسطورة!

وقد تنكمش تحولاتي فأسعى فقط لامتلاك بعض المهارات لأعيش كما ينبغي.. وأصحو على صوت شكسبير كل يوم وهو يعاتبني قائلاً:

لن ننام جميعا
ولكننا جميعاً سنتغير..
أيتها الأشجار
ويا قمم الجبال المتجمدة..
أقول لك ِ أيتها العذراء، قومي !



انتهت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مــي ( الــجــزء الاول )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سوالف في سوالف :: المنتديات الادبية :: القصص والحكايات-
انتقل الى: